فليتخيل كل منا ردة فعله على تصريح «افتراضي» لوزيـر الصحة يقول فيه إن التدخين لا يضر بالصحة!، أو حديث «مشابـه» لوزيـر الاقتصاد يؤكد خلاله على أن التضخم ليس له علاقة بارتفاع تكلفة المعيشة!. حتما ستـتملكنا الدهشة وستعلو أصواتنا فورا لاستنكار وتصحيح تلك المعلومات المغلوطة بمجرد اطلاعنا عليها ؛ ليس فقط لأن خطأها معلوم بالضرورة في مجالي الطب والاقتصاد، بل أيضا لأن السكوت عنها وعدم المبادرة لتفنيدها قد يؤدي لترسيخها في أذهان المتلقين وبالتالي فقد تـتسبب في زيادة الإقبال على التدخين في الحالة الأولى، وعدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من التضخم في الحالة الثانية مع ما يترتب على ذلك من أضرار كبرى صحية واقتصادية وعلى الصعيدين الشخصي والوطني.
ذلك تماما هو ما شعرت به بعد أن اطلعت الأسبوع الماضي على التصريح الغريـب لمعالي رئيس هيئة مكافحة الفساد والذي قال فيه إن «الفساد لا يؤثر على التنمية !» ، ولو كنت مكان معاليه لامتنعت مؤقتا عن الإدلاء بأية أحاديث للإعلام أو المشاركة في أية مناسبات عامة يتطلب حضورها إلقاء كلمات أو الرد على تساؤلات الحضور حول عمل هذه الهيئة الهامة التي يرأسها وذلك لكي أقوم بإجراء مراجعة شاملة لمفردات الخطاب الإعلامي للهيئة التي أصبح «أداؤها» ومخرجاتها ووعظها وبعض تصريحات مسؤوليها موضع جدل مجتمعي منذ تأسيسها في عام 2011م، ليس ذلك فحسب بل لبادرت إلى الاستعانة فورا بخدمات أفضل وكالة علاقات عامة في البلاد لتـتولى تخطيط وإدارة جميـع تصريحاتي العلنية تجنبا للمزيـد من «المطبات» .
وفي تقديري فإن معالي الرئيس لم يكن يقصد في تصريحه المعنى الذي ذهب إليه وسارعت مختلف وسائل الإعلام لتنقله عنه وتعلق عليه بقدر ما يعود الأمر لزلة لسان قد يقع فيها معظمنا من آن لآخر، وذلك لأكثر من سبب أولها هو العلاقة العضوية الوطيدة بين الفساد وبين تكريس سوء تنفيذ العديد من مشروعات التنمية، وثانيها هو أن الفساد يعني استغلال السلطة لتحقيق مكاسب شخصية، وغياب التشريعات التي توفر حق الوصول إلى المعلومات، وبالتالي فإنه بمثابة الضوء الأخضر للمسؤولين الفاسدين ليتمادوا في فسادهم من دون محاسبة.
ماتقدم له تبعاتـه الخطيرة التي لا تتوقف عند تعثر مشاريـع التنمية فقط بل تـمتد لتطال تبديد الثروة، والإضرار بالاقتصاد، وفقدان ثقة المواطنين في الأجهـزة الحكومية، ووضعهـم في حلقة مفرغة بعد أن تصبح «ثقافة الفساد» هي القاعدة بآلياتها البغيضة من الرشاوى والمحسوبيات وسوء استخدام النفوذ، ويصبح دفعها وقبولها أسلوبا لقضاء مصالح المواطنين.
والملفت في التصريح السابق لرئيس هيئة نزاهة أنه جاء في توقيت متزامن تقريبا مع نشر تقريـر منظمة الشفافية الدولية الذي صنف المملكة في المركز الثالث والستين دوليا من بين 177 دولة يغطيها التقريـر متقدمة بواقع 3 مراكز عن ترتـيـبها العام الماضي وهو تقدم ضئـيـل في تقديري في بلد يعتـز بتطبيقه الشريعة الإسلامية التي تعتبر النزاهة إحدى قيمها العليا.
أيضا فإن تبريـر معاليه لترتيب المملكة المتأخِر نسبيا لم يقل غرابة عن اعتباره أن الفساد لا يؤثـر على التنمية حيث اعتبر معاليه أن سبب ذلك الترتيب هو نقص الكثير من المعلومات التي تستقيها مصادر المنظمة!، ووجـه الغرابة في ذلك أمران أولهما هو صدوره من رئيس الجهة الحكومية المعنية بمكافحة الفساد حيث إن المتوقع منها هو المبادرة إلى تزويد المنظمة الدولية بالمعلومات المطلوبة، وثانيهما هو الافتراض بأن من شأن تزويـد المنظمة بالمعلومات أن يحسن ترتيـبنا المتواضع على هذا المؤشر الدولي في معزل عن تحقيـق الهيئة اختراقات فعلية على أرض الواقع للإطاحة بالفاسدين الكبار!.
ختاما، فإنني أود تذكير معالي الرئيس بتصريح آخر له أدلى به قبل عام واحد ... تبقى الإشارة إلى أن جواب التساؤل في عنوان المقال هو أن العلاقة بين كلٍ من التدخين والتضخم والفساد هي أنها جميعها ضارة، وأننا مهما حاولنا تبريـر أي منها أو التقليل من مخاطره فسوف لن نكون مقنعين لأحد ؛ ربـما ولا حتى لأنفسنا!.
ذلك تماما هو ما شعرت به بعد أن اطلعت الأسبوع الماضي على التصريح الغريـب لمعالي رئيس هيئة مكافحة الفساد والذي قال فيه إن «الفساد لا يؤثر على التنمية !» ، ولو كنت مكان معاليه لامتنعت مؤقتا عن الإدلاء بأية أحاديث للإعلام أو المشاركة في أية مناسبات عامة يتطلب حضورها إلقاء كلمات أو الرد على تساؤلات الحضور حول عمل هذه الهيئة الهامة التي يرأسها وذلك لكي أقوم بإجراء مراجعة شاملة لمفردات الخطاب الإعلامي للهيئة التي أصبح «أداؤها» ومخرجاتها ووعظها وبعض تصريحات مسؤوليها موضع جدل مجتمعي منذ تأسيسها في عام 2011م، ليس ذلك فحسب بل لبادرت إلى الاستعانة فورا بخدمات أفضل وكالة علاقات عامة في البلاد لتـتولى تخطيط وإدارة جميـع تصريحاتي العلنية تجنبا للمزيـد من «المطبات» .
وفي تقديري فإن معالي الرئيس لم يكن يقصد في تصريحه المعنى الذي ذهب إليه وسارعت مختلف وسائل الإعلام لتنقله عنه وتعلق عليه بقدر ما يعود الأمر لزلة لسان قد يقع فيها معظمنا من آن لآخر، وذلك لأكثر من سبب أولها هو العلاقة العضوية الوطيدة بين الفساد وبين تكريس سوء تنفيذ العديد من مشروعات التنمية، وثانيها هو أن الفساد يعني استغلال السلطة لتحقيق مكاسب شخصية، وغياب التشريعات التي توفر حق الوصول إلى المعلومات، وبالتالي فإنه بمثابة الضوء الأخضر للمسؤولين الفاسدين ليتمادوا في فسادهم من دون محاسبة.
ماتقدم له تبعاتـه الخطيرة التي لا تتوقف عند تعثر مشاريـع التنمية فقط بل تـمتد لتطال تبديد الثروة، والإضرار بالاقتصاد، وفقدان ثقة المواطنين في الأجهـزة الحكومية، ووضعهـم في حلقة مفرغة بعد أن تصبح «ثقافة الفساد» هي القاعدة بآلياتها البغيضة من الرشاوى والمحسوبيات وسوء استخدام النفوذ، ويصبح دفعها وقبولها أسلوبا لقضاء مصالح المواطنين.
والملفت في التصريح السابق لرئيس هيئة نزاهة أنه جاء في توقيت متزامن تقريبا مع نشر تقريـر منظمة الشفافية الدولية الذي صنف المملكة في المركز الثالث والستين دوليا من بين 177 دولة يغطيها التقريـر متقدمة بواقع 3 مراكز عن ترتـيـبها العام الماضي وهو تقدم ضئـيـل في تقديري في بلد يعتـز بتطبيقه الشريعة الإسلامية التي تعتبر النزاهة إحدى قيمها العليا.
أيضا فإن تبريـر معاليه لترتيب المملكة المتأخِر نسبيا لم يقل غرابة عن اعتباره أن الفساد لا يؤثـر على التنمية حيث اعتبر معاليه أن سبب ذلك الترتيب هو نقص الكثير من المعلومات التي تستقيها مصادر المنظمة!، ووجـه الغرابة في ذلك أمران أولهما هو صدوره من رئيس الجهة الحكومية المعنية بمكافحة الفساد حيث إن المتوقع منها هو المبادرة إلى تزويد المنظمة الدولية بالمعلومات المطلوبة، وثانيهما هو الافتراض بأن من شأن تزويـد المنظمة بالمعلومات أن يحسن ترتيـبنا المتواضع على هذا المؤشر الدولي في معزل عن تحقيـق الهيئة اختراقات فعلية على أرض الواقع للإطاحة بالفاسدين الكبار!.
ختاما، فإنني أود تذكير معالي الرئيس بتصريح آخر له أدلى به قبل عام واحد ... تبقى الإشارة إلى أن جواب التساؤل في عنوان المقال هو أن العلاقة بين كلٍ من التدخين والتضخم والفساد هي أنها جميعها ضارة، وأننا مهما حاولنا تبريـر أي منها أو التقليل من مخاطره فسوف لن نكون مقنعين لأحد ؛ ربـما ولا حتى لأنفسنا!.